في الوقت الذي بدأت فيه المباريات الفعلية والمنافسة الحقيقية في بطولة كأس إفريقيا كان المنتخب الوطني المغربي قد ودع البطولة , غير مأسوف عليه , وقد بدا بمستوى تواضع إلى حد الوضاعة .
تابع كل المغاربة المباريات التي لعبها المنتخب ولاحظوا , كما لاحظت , ذلك المستوى الذي قدمه لاعبون محترفون انتهى بهزيمتين منكرتين وانتصار هللوا له أمام فريق لا حول له ولا قوة وهو المنتخب الناميبي الذي ما كان على منتخبنا إلا أن ينهزم أمامه حتى تكتمل فصول المهزلة التي حاكوا خيوطها المهترئة في غانا , وحتى يثبتوا لنا أننا بعثنا بمنتحب وطني ( بحرف الحاء ) لا منتخب . وبأن المحسوبية والواسطة والتدخلات كانت معيار ومقياس الاختيار .
لم تكن هذه أول مرة نصاب فيها نحن المغاربة بالإحباط وخيبة الأمل ولن تكون لأخيرة فقد ألفنا ذلك في جميع مجالات حياتنا و ليس في مجال كرة القدم فحسب فكل أمر اعتزمت حكومتنا الرشيدة الإقدام عليه لسبب في نفس يعقوب يعلو صوت التطبيل والتزمير والتهليل وتبني قصور الأمل التي سرعان ما تنهار على رؤوسنا ليسود السكوت والصمت والوجوم وكأن الطير قد حط على الرؤوس ؟ إلا قليل منا ألفوا التبرير والتفسير والتنظير , ولا أعتقد أن الترشيح حتضان كأس العالم مرة ثم أخرى وملحمة مدينة طنجة ببعيدة عن حدود الذاكرة .
ليس في المسألة سوء طالع , ولا سوء حظ أو تسلط أو عدوانية من الآخرين , إنما حقيقة الأمر التي لا تخفى على عين سوء تدبير منا لم يئن على ما يبدو وقت الفكاك منه وسوء إدارة وفساد عم واستشرى وحل وما ارتحل ولا أظنه براحل ما لم نغير ما بأنفسنا ولسنا بفاعلين على ما يبدو فقد ألفنا ما نحن فيه من وهن واستأنسنا فشلنا الدائم وإحباطاتنا حتى لكأنها خلقت لنا وخلقنا لها .
من تابع المنتخب الذي يطلق عليه مجازا "وطني " لاحظ بكل جلاء أن ليس له من الإسم إلا الاسم فقد بدا باهتا مائعا لا روح في لاعبيه ولا حمية ولا غيرة على اسم وطنهم أو أهلهم الذين تركوا كل شيء لمتابعة المباريات باحثين عن فرح استعصى , لم نر لاعبا واحدا أو ما كدنا يبذل من الجهد والعرق والاهتمام ما يجب أو على الأقل ما يوازي تلك الأموال الطائلة التي أغدقت على من أغدقت عليه دون حسيب ولا رقيب ؟؟ هي مليارات راحت كما راحت مثيلاتها وسوف تروح في الكرة وفي غير الكرة فملياراتنا كثيرة لابأس في أن يتخلص من بعضها ؟؟
وإذا كان اللاعبون ظهروا بالمظهر المخزي ذلك , وكأنهم استقدموا من جزر الواق الواق ليمثلوا المغرب , وإذا كان ما حدث يوضح مدى ضعف تعلق بعضنا بالوطن وغيرتهم عليه فإننا لن نرى مشهدا مختلفا أو مغايرا إن نحن نظرنا إلى الشارع المغربي أو الإدارة المغربية أو أينما يممت أو تجولت بناظريك , فمظهر اللا انتماء باد واضح وجلي ينمو يوما بعد يوم ؟؟ إلى الحد الذي غدا فيه الوطن عبئا على البعض يتحينون الفرصة للتخلص منه والخروج منه ليعودوا إليه سياحا زوارا ؟؟ محملين بما استطاعوا حمله من متاع دون أن يعتنوا بحمل ما يستحق الحمل من فكر جديد وعلم ومعرفة ... غدا المغرب عبئا على البعض الكثير لأنهم خلطوا دون أن ينتبهوا أو هم انتبهوا بين مفهوم الحكومة التي قد تكون عبئا ومفهوم الوطن الذي لا يكون كذلك أبدا لأننا نحن من نصنعه .