لست أدري لماذا تعود ذاكرتي اليوم إلى الخلف سنوات بطريقة " الفلاش باك " السينمائية ، لتتذكر صفة ألصقت بي لسنوات حتى ضقت بها وبمن كان يكررها على مسامعي .
" وافد " سمة وسمت بها ، واقترنت باسمي ، دون استشارتي أو موافقتي ، وتابعتني أينما حللت وأنّا ارتحلت ، انتهى الأمر أنت منذ الآن الطالب الوافد الطيب ، أو الطيب الطالب الوافد ، إختر ما شئت منهما فلن نجبرك على واحد بعينه ؟؟ واعلم أنه يتحتم عليك منذ الآن أن تتعامل حصريا عبر قسم الوافدين وإدارة الوافدين ، ، وإدارة شؤون الطلاب الوافدين ، وعليك أن تتعرف على الوافدين من أمثالك ، وأن تتبع التعليمات الخاصة بهم ، وانتبه فلا تعامل معك إلا عبر تلك الإدارات ؟؟ حاااضر .. ماشي ... تمام يا فندم ؟ وكأني قد وفدت اليهم من القمر أو من كوكب آخر ؟
وفد ، يفد ، فهو وافد وهي وافدة ، والجمع وافدون ووافدات ؟؟ ومنها كلمة وفد ، والوفادة و............. الخ
كان ذلك طوال فترة دراستي في القاهرة ، عاصمة المعز ، لست أدري لم كان هذا التصنيف ؟ ولماذا كانت الإدارة تتعمد فصلنا عن أخوة لنا سواء في الرحلات أو النشاطات أو حتى الإدارات التي نتعامل معها ؟ ولماذا هذا الفرز الذي وسمت وسواي من خلاله بهذه السمة التي رافقتني حتى أنهيت دراستي وتركتها لهم غير مأسوف عليها ( الصفة أو النعت أو السمة أو الوصف كما تشاء ) على المقعد الذي كنت جالسا عليه في ميناء القاهرة الجوي مشفوعة بضيقي وحنقي قبل صعودي الطائرة عائدا إلى المغرب عبر باريس ، تلك المدينة التي كنا لا نزال حينها ندخلها دون إذن أو سمة دخول ( تأشيرة ) ؟؟ وكأنها غدت اليوم الجنة ؟؟ .
وكم كانت زياراتي اللاحقة لمصر أجمل ، وقد تحررت من ذلك اللقب اللعين الذي لم يكن ينسنيه وإخوتي الوافدين أثناء الدراسة سوى طيبة الشعب المصري وكرمه ومشاركتهم لنا في الاستغراب من إصرار مؤسساتهم التعليمية على " توفيدنا " وهي صفة قد يصح أن نطلقها حتى على من وفد إلى القاهرة من المحافظات المصرية الأخرى ، لكنهم اختاروا أن يختصونا نحن العرب بها دون سوانا من الطلاب الأجانب .
ورغم ذلك تبقى صفة " وافد " ألطف وأرق بكثير مما قد يلصق باسمك في دول عربية أخرى ، وهي حدوتة سأعرج عليها لاحقا .