Thursday, December 21, 2006

أجهزة الركل والرفس


درجت العادة أن يتظاهر كل من له مطالب عادلة في العاصمة المغربية ، سواء من خريجي الجامعات العاطلين عن العمل أو المطالبين بزيادة الأجور أو الذين تعرضوا للحيف والجور والتعسف ، أمام مبنى البرلمان المغربي باعتباره بيتا للأمة ، ولنواب الأمة الذين يفترض بهم أن يعبروا عن هذا الشعب وعما يعانيه وما يوجعه . وهو مكان منطقي وطبيعي للتظاهر .

ولعلي أتفهم ، وإن على مضض ، قيام قوات الشرطة أو هي قوات التدخل السريع أو أيا كان اسمها " فهي كثيرة لدرجة تدعو إلى الإلتباس " ، بمنع المتظاهرين من تخطي عتبة البرلمان لأسباب أمنية ، ما دامت هذه هي مهمتها التي أوكلت إليها والتي كدس أنفارها من أجل إنجازها في شاحنات مصفحة أقلتهم من معسكراتهم وألقت بهم أمام البرلمان .

لكنني لا أفهم ولا أتفهم أبدا تطاول تلك الأجهزة الأمنية على المتظاهرين في كل مرة يتجمعون فيها ، فتنكل بهم وتعتدي عليهم ضربا وركلا وسبا وتعنيفا ، وكأنهم يصرون على تأكيد أن طبيعة مهمتهم ليست أمنية بحال ، إنما هي قمعية سادية بتميز ، وأمام كاميرات الفضائيات التي تترصد وترصد الحدث يبدع هؤلاء في استعراض عضلاتهم وإبراز مواهبهم وقدراتهم في الإيذاء ؟؟ حتى إنهم منذ بضعة أيام تعاملوا مع المكفوفين الذين تظاهروا في نفس المكان ، للمطالبة بحقهم في العمل اللائق ، بذات المنهج والأسلوب ، وكأنهم مبرمجون على ذلك ولا يجيدون سوى ذلك ؟؟ وكم كان محزنا منظر هؤلاء الذين حرمهم قدرهم من البصر وهم يتلقون الضربات دون أن يدركوا من أين تأتيهم وممن ولماذا ؟؟، ويلقون على الأرض لتعبث بهم الأقدام ركلا ورفسا دون أن يكون بإمكانهم حتى توجيه نظرة غضب أو حتى عتاب ..

ألا تستطيع تلك الأجهزة الصبر على المتظاهرين الذين يمارسون حقا دستوريا كفله لهم الدستور والقانون لدقائق يعبرون خلالها على مظالمهم أو يعلنون خلالها عن مطالبهم ثم ينفضون بعد ذلك كل إلى حال سبيله ؟؟ أيصعب عليهم التعامل مع البشر بآدمية وتحضر وإنسانية ؟؟؟ ألسنا بذلك نبدو أمام العالم بصورة متحضرة ولائقة . هذا إن كنا فعلا لا نزال متحضرين .