قبل أن ألتفت نحو الحديث عن المرأة المغربية وعلاقتها بالرجل ، بعد أن تناولت مسرعا علاقة الرجل المغربي بالمرأة ، أراني ملزما ما دمت في هذا المقام بأن أتحدث عن أمر ما كنت لأحب حتى الإشارة إليه لولا أني أراه من الأهمية بحيث لا يمكن أن أغفله كما هو دأب الآخرين .
لكم يؤسفني ، بل ويؤذيني ، ذلك الانطباع الذي تكون وشاع عن المرأة المغربية خارج حدود المغرب ، كم هو جارح أن تتشكل صورتها على النحو الذي تشكلت عليه ، حتى غدت صورة مشوهة مشبوهة تشوبها كثير من الشوائب ، قد يكون القليل منها عن حق لكن الجزء الغالب منها عن غير ذلك . وهي صورة سمحت لدولة كالأردن أن تمنع محامية مغربية محترمة من دخول عمان بدعوى أنها لم تستكمل عامها السادس والثلاثين وهو شرط الحصول على سمة الدخول إلى جنة الأردن .. عفوا أقصد دويلة الأردن ؟؟؟ وهي ذات الصورة التي سمحت كما كان قد أشيع لدولة كموريتانيا أن تتجرأ فتطالب من ترغب في زيارتها من النساء المغربيات بتقديم شهادة تثبت عذريتها ؟؟؟ ودفعت كذلك بدولة كلبنان إلى أن تتشدد في منح التأشيرات إلى المغربيات تشددا يداني المنع ؟؟ حتى لبنان يا عباد الله ؟؟؟ وأذكر هنا أن تونس ومصر ولبنان ذاتها كانت قد سبقتنا في معاناة مثل هذه الشبهات لكنها تمكنت بحكمة من القائمين على أمورها في أن تحجم المسألة وتصحح وتصفي ما أصاب صورتها من شبهات وتشوهات .
كم هو مؤسف أن أضطر إلى الكتابة عن أمر كهذا ، وكم أجدها ثقيلة تلك الكلمات التي أستعين بها لإيصال فكرتي ؟؟ رغم علمي المسبق ، وعن قرب لا عن بعد ، بما يوجد في كل من الأردن ولبنان وحتى موريتانيا من الموبقات و من الفساد الذي لن تضيف إليه مزيدا أي جحافل من النساء أتت ، سواء من المغرب أو من المشرق ؟؟ لكن الفارق أننا هنا في المغرب نكشف عيوبنا وأمراضنا الاجتماعية ، نتحدث عنها ونواجهها ، على عكس ما يفعل الآخرون ، الذين يتعاموا عما ابتلوا به ويتسلون بما يسمعون عن الآخرين .
وإن كنت أسلم بضرورة وأهمية العمل على رصد الأسباب التي أوصلتنا إلى أن نصبح جزءا من صورة مشبوهة مشينة كهذه ، وكذلك أهمية إبراز دور المرأة المغربية في رسم هذه الصورة وعلاج كل ذلك ، أرى أن الأهم من كل ذلك المهم التساؤل ورصد ما قامت به الحكومة المغربية في مواجهة كل هذا حتى وإن كان محض افتراء على تلك الدول وهو ليس كذلك ؟
التجاهل التام ، والصمت المطبق ، هو كل ما بادرت به الحكومة الهمامة في مواجهة تلك الإهانات التي لحقت بنساء المغرب ، وبرجالها بالتبعية ، بل وباسم المغرب ذاته كدولة وككيان كحاضر وتاريخ ؟؟ فقد أصبح اسم المغرب يقترن بالذعارة والسياحة الجنسية ؟؟ وكأن هذه الحكومة لا ترى ولا تسمع ولا تتكلم ؟؟ أو كأنها موزمبيقية الهوية أو قادمة من الاسكيمو تجمدت أحاسيسها ؟؟ فما بادرت باحتجاج ولا باستنكار ولا حتى باستفسار أو بتعليق أو بتفسير عما جرى ؟؟ وكأن تلك النسوة أيتام في دار اللئام لا سند لهن ولا من ينبري للدفاع عنهن ، أو رفع الحيف عن كاهلهن ؟؟ وهل يعقل بحال أن تتسبب قلة لا تذكر نسلم بوجودها ، مهما قل أو ارتفع عددها حالنا في ذلك حال كل دول الدنيا ، في الإساءة لكل نساء المغرب اللآئي تستطعن أن تعلمن الآخرين في تلك الدويلات ما يغيب عنهم من معاني الشرف والعفة لا أن يكن مضغة تلوكها أفواههم الكريهة .
وإذا كانت فئة من المنحرفات كن قد استطعن السفر إلى تلك البلاد أو يسر لهن ذلك ، لست أدري ؟ فأسأن وكان حقا عليهن العقاب فمن حقي أن أتساءل أين كانت أجهزة الحكومة الموقرة حينذاك ؟ وما بالها لم ترصد الأمر ولها من أجهزة الرصد والتعقب والتحري ما لها ؟ أم أن هذا الأمر أتفه من أن ترصده وتعتني به ؟ ولماذا يصعب على الإنسان العادي الحصول على سمات السفرإلى تلك الدول فيما هو يسير سهل على من سافرن ؟ وهل لتلك الأجهزة الأمنية ذاتها دور في الأمر ؟ وهل هناك مافيا تتاجر تحت مرأى ومسمع من بعض المسؤولين ؟ وإذا كان هؤلاء المسؤولين فوجئوا بما حدث ألم يكن بوسعهم استدراك الأمر وعلاجه في بدايته قبل أن تلوك سمعتنا الألسن ؟ أليس في هذه الحكومات المتوالية أناس غيورين على سمعة بلادهم ينتفضون حين تمس ويهتزون حين تهان ؟ يقتلني هذا السبات الذي نراه ، وهذا الموات الذي نحياه ، ويا ليتهم يعتبرون هذا الأمر إرهابا حتى ترتعد كل الفرائص ويهبون لمداواته ؟؟ ألهذا الحد الأمر هين ؟؟
شتان بين هذا التخاذل وهذه السلبية الفاقعة ألوانها وبين ذلك الاحترام الجم الذي كان يبديه شخص لست أنكر إعجابي به حتى بعد رحيله ، صدام حسين ، مع نساء العراق فلم يكن لينعتهن يوما إلا بالماجدات العراقيات ؟ وهو الذي كان ، كما سبق وكتبت ، قد اجتاح دولة الكويت كلها ثأرا للماجدات حين سمع على لسان سعد الصباح ولي العهد الكويتي حينئذ بأنه يستطيع شراء شرف العراقيات بعشرة دنانير فقط ؟؟
أتساءل في المقابل : ترى ما الصفة التي يطلقها المسؤولون المبجلين لدينا عن نساء المغرب ؟ ربما " لعيالات " ؟؟ لايبدو لي أن حكومتنا الموقرة بفاعلة شيئا إزاء ذلك إلا السكوت ؟؟ فلديها في أجندتها ما هو أهم من هذه التفاهات ؟ حكومة أدمنت الرقاد كما هو برلمان الأمة الذي لا يكاد يفعل شيئا ؟؟ إلا الرقاد أيضا ؟؟ أما من موقظ لهؤلاء النيام ؟؟
ويبقى الأمل معقودا في أن تكون لملك البلاد كلمة بعدما صمت الجميع ..
الطيب