كثيرة هي العيوب التي تعتري هذا المجتمع العربي ، وكثيرة هي السمات التي تستوجب التوقف لدراستها ، ولتحليلها ، وللتعرف على أسبابها ، وعلى ما قد ينتج عنها مستقبلا ، غريب هذا التخلف الذي نعانيه علميا وفكريا وصناعيا وزراعيا ، بل وحتى إنسانيا ؟ غريبة هذه الأمية المتفشية التي تأبى الانحسار ؟ وهذا الفساد المستشري الذي يأبى الانكسار ؟ غريب هذا الجهل والطغيان و القهر الذي يطبق على الأنفاس ؟ وغريبة روح الانهزام والاستسلام نقبل كل شيء دون حراك دون نقد الذات ودون أن نعدل مسارنا أو نغير اختيارنا ؟
صحيح أننا أمة تعاقب على حكمها الطغاة وتناوب على استنزافها المستعمرون ، نزفت دماء كثيرة ، نزفت ثروات كثيرة ، وقطعت أوصالها وجزئت أرجاؤها ، وباتت مطمعا لكل من امتلك وسائل القتل والإرهاب والقوة والتسلط ، فغدا طبيعيا ( أو متفهما ) أن يصبح إنسانها ، الإنسان العربي المعاصر ، ضحية أمراض اجتماعية ونفسية عديدة ، عمقها عمق الآلام والمحن والتجارب التي عانتها أمته ، وحجمها حجم التخريب الذي مارسه الطغاة والمستعمرون على امتداد مئات السنين ، ولا يزال ، وصحيح أننا أمة لم تختر ما هي فيه أبدا بل دفعت إليه دفعا ، عنوة وقسرا ، من دعاة الحق والعدل والحرية . صحيح كل ذلك لكنه لا يبرر كل ما نحن فيه ؟؟
ليس عيبا أن نجاهر بذلك وأن نعيه ، إنما العيب أن يغيب عنا ، أو نجهله ، أو نتعامى عنه خجلا من الإقرار به . وليس عيبا أن نضع الإصبع على الجرح فنشير إليه طلبا للدواء ، إنما العيب أن نظل مفاخرين بماض صنعه الأجداد وما صنعناه نحن ، ولا كنا قادرين على صنع مثيل له أو جزء منه اليوم ؟ ولا حول ولا ......
الطيب