Friday, September 22, 2006

ألوان مغربية -3

ألوان مغربية - 3
الرباط

الغضب

الغضب

الغضب .. كلمة صغيرة في عدد كلماتها ، لكنها كبيرة في نتائجها وفي تبعاتها ، هو مظهر إنساني ولا شك ، فكلنا نغضب ، وإن اختلف قدر وشكل هذا الغضب من إنسان إلى إنسان ، لكنه يبقى مظهرا من مظاهر الضعف الإنساني وليس مظهر قوة كما قد يعتقد البعض ، حين نغضب لا نعود نحكم من نفسنا شيء ، يندفع اللسان دونما لجام لينطق بما يربأ بنفسه عن النطق به في أحواله العادية ، وقد نتمادى فنلجأ إلى لغة الأيادي ولغة الأرجل أحيانا وقد نصل إلى ما لا يخطر ببالنا الوصول إليه ساعة يكون العقل والمنطق يحكماننا . يعلو الصوت وتحمر العيون ويزبد الفم وترتسم حركات عصبية سريالية وهزلية . ولو تمكن الإنسان من أن يصور نفسه ساعة غضبه لأدرك كم هي ساعة كريهة ، ولأدهشه ما رآه ، ولتشكك في كونه يرى نفسه ، ولأعتقد أن من يراه شخصا آخر لا يمت له بصله ، ولعل أفضل ما يعبر عن ذلك الصيغة الدارجة في نعت إنسان بالغضب والتي تقول إن فلانا خرج عن طوره أو عن أطواره ؟

ولما كان هذا هو الحال ، لم يكن غريبا أن يولي الإسلام هذا السلوك الإنساني اهتماما بالغا لينأى الإنسان بنفسه عنه ، يقول الله تعالى في كتابه المبين معددا بعضا من صفات الإنسان المسلم المؤمن " الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين " ليحض بتبيانه هذه الصفات المسلم على تجنب الغيظ وتلافي عواقبه ومظاهره التي تبعده عن إنسانيته وتظهره في صورة من لا يملك لا القدرة ولا ملكة التحكم بنفسه ونوازعه وشهواته وهو ما ينطبق على الحيوان .

ومن الحديث الصحيح الذي عني بهذا الأمر ،عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم : " أوصني " قال لا تغضب وردد مرارا قال لا تغضب " رواه البخاري . وهو حديث من عدة أحاديث حث فيها الرسول الكريم على عدم الانفعال والغضب وقد اشتهر من دعاء ه صلى الله عليه وسلم " اللهم إني أسألك نعمة الحق في الغضب والرضا "

وإذا كنا نحاول في الشهر الفضيل رمضان أن نضبط سلوكنا أكثر ، وكلما ضقنا بأمر أو اشتد انفعالنا قلنا " اللهم إني صائم " لنذكر النفس بكظم الغيظ وعدم الانزلاق إلى كلام لا يليق أو تصرف متهور ، يا ليتنا نواظب على هذا المسلك طوال العام ولنجعل في هذا الأمر تحديدا من أشهرنا الأحد عشر رمضان ......... رمضان كريم

الطيب