لبنان مشهد هزلي
غريب حقا هذا الذي يجري في لبنان ، سجال وانفعال وتراشق وسباب ، لا يمكن أن يعود بخير إلا على إسرائيل وعلى من يدور في فلكها ، ففي الوقت الذي يجمع فيه أو يكاد العالمان العربي والإسلامي بل والدولي على أن المقاومة اللبنانية حققت في حربها الأخيرة مع إسرائيل مالم يحققه أي من العرب قبلا ، وتمكنت من أن تلحق بها هزيمة واضحة لا يخطئها منصف أو عاقل أو من لديه حتى قصر نظر أو طول نظر ، وفي الوقت الذي اعترفت فيه الدولة الصهيونية بخروجها من الحرب خاوية الوفاض ، دون أن تحقق أيا من أهدافها التي رسمتها قبل المعركة واعتقدت أنها لاشك ستنالها ، إن لم يكن بقدراتها الذاتية فبالدعم الفاضح والمفضوح الذي تقدمه لها الولايات المتحدة الأمريكية ، في هذا الوقت الذي غرقت فيه إسرائيل في معارك داخلية بسبب الهزيمة وأقرت بها دون مواربة ، نجد أن بعض الساسة اللبنانيين خالفوا الواقع وخالفوا الحقيقة وخالفوا ضمائرهم إن كانت لا تزال لديهم ضمائر بل خالفوا حتى القاعدة المعروفة التي تقول إن الهزيمة لا تجد أبا لها في حين يجد النصر آباء كثر ، وأخذ بعضهم ممن ما زال لديه بعضا من حياء يراوغ تارة ويتهرب تارة أخرى ويستهبل إن لزم الأمر حتى لا يقر بأن هناك نصرا تحقق ، و تمادى من لا حياء له فادعي بأنه لا يرى نصرا وبأن هذه المعركة لا تعنيه من قريب ولا بعد بل هي ليست معركته ، ولم يروا في زوايا الصورة التي ارتسمت إبان المعركة سوى المنازل التي تهدمت والجسور التي انهارت والطرق التي قصفت ليندبوها ؟ وكأن النصر يأتي على طبق من فضة أو من ذهب ، دون دماء ودون خسائر أو ثمن ؟؟ وكأن المقاومة حاربت جيشا وهميا ؟ أو قوات تتدرب منزوعة السلاح ؟ وكأنهم نسوا أو جهلوا أن إسرائيل هي الكيان الأقوى إجراما في المنطقة ، والأكثر تجهيزا وتسلحا ودعما ، وأنها هي ذاتها التي دخلت سابقا بيروت ، والتي لطالما ألحقت الهزائم المرة بجيوش عربية جرارة في ساعات أو أيام قليلة وأن لا جيش عربي استطاع أن يصمد أمامها مدة فاقت الشهر وحرمها تحقيق أي هدف .
هذه الحرب أسقطت الكثير من الأقنعة في لبنان وخارج لبنان ، وكشفت الكثير من العورات ، وأوقفتنا مجددا على حقيقة وليد جنبلاط بتلونه وتقلبه الذي لا ينتهي وعقدته وهلعه من سوريا حتى بات أسير بيته بالمختارة ، وحقيقة سعد الحريري الذي لا يكاد يطيل البقاء في لبنان ولا يكاد ينطق جملة واحدة سليمة دون يزينها بأخطاء يخجل تلميذ في المستوى الابتدائي أن ينزلق في مثلها ، ناهيك عن افتضاح مدى تبعيته وتقيده بالمواقف السعودية والفرنسية والأمريكية ، أما السيد جعجع فلست أفهم حتى الساعة كيف يمكن لرجل مجرم ، تلطخت يديه ما من مرة بالدماء ، أن يخرج من السجن إلى منبر السياسة و الخطابة ليلقننا دروسا في السياسة والوطنية والسيادة وهو العميل الإسرائيلي المعروف ؟؟؟
النصر تحقق وإن رفضوه ؟ والمقاومة انتصرت وإن كابروا وأنكروه ؟ وحسن نصر الله صار زعيما عربيا مسلما حجبت هامته كل هؤلاء الصغار ؟
الطيب
