الإقتتال الفلسطيني الفلسطيني لم يتوقف ، ولم تستطع التصريحات ولا الاجتماعات ولا الوساطات حتى الساعة أن تحاصره فتئده في مهده ؟ لا زالت الأرواح تزهق ، والدماء تسفك ، والجراح تنزف ؟ وكأن المواطن الفلسطيني لا تكفيه عذاباته اليومية التي تبدع إسرائيل في خلقها ، ليأتي اليوم من يفترض أنهم الحماة المدافعون ليزيدوه على المحنة محنة ، وعلى الحصار حصارا ، .
ليس مهما من بدأ القتال ومن انتهى إليه ، وليس مهما من افتعل الأزمة ومن انساق وراءها ، وليس مهما من المصيب ومن جانبه الصواب ، إنما المهم أن ما يحدث معيب معيب ، يشوه كل نضالات هذا الشعب الذي أعياه طول النضال ، ويسلب من المناضلين ما كانوا يحظون به دوما من تقدير وتبجيل وإجلال ليدمغهم اليوم بصورة أشبه ما تكون بصورة العصابات المسلحة أو قطاع الطرق ،وليعزز تلك الصورة التي ما فتئت إسرائيل تحاول أن تصورهم بها وفشلت ، لكنهم اليوم نجحوا في أن يعيدوا ترويج الصورة الإسرائيلية .
نسي المقتتلون عدوهم الحقيقي إسرائيل ، التي ترصد ما يجري وتستمتع بالمشهد المخزي وبالدماء التي تراق ، وكيف لا وهي النظام الدموي الذي لا يحيى إلا بالدماء . لقد تفرغ الحماسيون لتصفية حساباتهم مع الفتحاويين ، وعاود الفتحاويون محاولة الانتقام من الحماسيين الذين تجرأوا فانتزعوا الحكم والإدارة من فتح التي ألف أعضاؤها دفء كراسي السلطة الوثيرة ، واستمرأوا مال الحكم الوفير ، وهي جريمة ليس لفتح أن تغفرها لهم أبدا ، ما دامت غصة ومرارة الهزيمة في حلقهم لم تتلاشى ، لكن الفارق أن التنابذ والتراشق كان باللسان ، وأصبح اليوم بالرصاص .