Tuesday, December 18, 2007

كل عام وانتم في أحسن حال



اليوم وقفة عرفة

وغدا العيد والنحر

هذا هناك في بلاد الحج

أما نحن فقد اخترنا أو اختير لنا يستوي الأمر ان نحتفل بالعيد بعد يومين اثنين ؟؟

كما لو كنا في كوكب آخر؟؟

على أية حال

كل عام وانتم جميعا بخير وعافية وأمن وأمان

Thursday, December 13, 2007

حنين - 7 - ألحمّام الثقافي ؟؟

كان فردا من أفراد العائلة ، يأخذ مكانه وسطهم ، يرافقهم ، ويتنقل بينهم واحدا تلو واحد ، ألفته العين منذ أدركت نعمة النظر ، ومالت نحوه النفس مذ لامست الأنامل أديمه الناعم وتنسمت الأنفاس رائحته الفريدة . كان يستبيح أركان الدارة كلها بلا حرج ، ودون تردد أو وجل ، يستلقى في غرفة الجلوس ، يغفو على السرير في غرفة النوم ، ويستنفر للعمل إن حط على المكتب ، ولم يكن غريبا ولا مفاجئا أن تراه في المطبخ حين يتطلب الظرف ذلك .

أخلص للجميع ، وجاد عليهم بما له وما فيه ، صدقهم القول دوما وصادقهم ، وحاز احترامهم وتقديرهم ، ما شكا يوما ، ولا مل ولا كل من التطواف والتنقل ، ولا من طول الانتظار فوق سطح رف من رفوف المكتبة منتصبا فوقها يؤازره ويعضده أقرانه من الكتب .

لم يكن الكتاب في عرفنا ورقا رص أو كلم صف ، بل حسبناه عقلا فيه فكر ، وقلبا فيه نبض ، وحياة تتكامل أحداثها ، وما كنا نقرأه بل نعيشه ، إن ساعات فساعات وإن أيام فأيام ؟

كان البحث عن كتاب بعينه قد يطول أحيانا ويغدو ضربا من عناء لكنه كان دوما عناء ممتعا ، وكان العثور عليه وتقليب صفحاته قبل الشراء متعة أخرى تتوجها متعة الحيازة و القراءة .

شغفنا بالكتاب وتطوافنا بين البلاد التي حملتنا إليها أقدارنا كان سببا في تنوع مكتبة الدار وسرا لتعاظم عديدها ، الذي وإن فاق المئات للآلاف ، دامت نظرتنا إليه ، مذ كنا أطفالا غضا صغارا ، كأي فرد من العائلة لا تكتمل إلا بصحبته أينما ارتحلنا ؟

انتهت مهمة الوالد في ذلك البلد ، ككل مرة ، وانتهى الاغتراب ، وتحدد وقت الإياب ، سوف نترك ثانية أو ثالثة أو رابعة ؟؟ لم أعد أحسب ، كل الأصدقاء وكل ما نسجناه من روابط وصلات ، وسوف نهجر الشوارع التي ألفنا والأزقة التي طفنا لتغدو مجرد ركن من أركان الذكريات التي احتشدت بها المخيلة حتى ضاقت . قاس أن تخلع بين الحين والحين جلدا لبسته ، وطباعا وعادات ألفتها لتستبدل بها أخرى ، وإن كانت خاصتك ..... لكن ما خفف وقع التغيير هذه المرة أننا عائدون للوطن ، لدفئه وحضنه الذي افتقدناه ، للأهل والأحباب الذين كنا نذكر مخيلتنا دوما بملامحهم من خلال الصور خشية نسيانها بمرور الزمن .

لم تكن دارتنا التي حطت بها رحالنا ، بعد إيابنا إلى المغرب ، بالضيقة لكنها لم تكن لتتسع متاعنا كله الذي ضاقت به جنباتها ، وكان لزاما علينا أن ننصاع ، صاغرين ، لما سمحت به وأن نرتب أمرنا وفق ما استجد من وضع .

استقر كل شيء مستقره ، وما زاد من متاع أصبح خزينا حبيس الصناديق حتى إشعار آخر كان منظورا . لم تبق إلا الكتب حائرة تبحث عن مكان ، وهي التي كانت دوما تحظى بالعناية والصدارة ، فالمساحة المتاحة لا تكاد تفي إلا بعرض بضع مئات منها . وكان لزاما أن يشارك الجميع في البحث عن الحل الذي لم يكن يمكن أن ينحى نحو تخزينها أو تركها في صناديقها الورقية فريسة للتلف ؟؟؟ ولما كانت البدائل والاختيارات محدودة ، لم يكن من حل إلا واحد ، نطق به الجميع في آن : " الحمام الثقافي " ؟؟؟؟

كان في بيتنا ذاك حمامان فسيحان ؟ ولما كنا عائلة ارتضت طواعية تحديد نسلها ، مبكرا ، كان يكفينا حمام واحد وقدر للآخر التحول إلى حمام تكسو جدرانه الأربعة أرفف مملوءة بالكتب تصل أرضه بسقفه لا يعكر صفوها إلا المظاهر القسرية للحمام التي لم تتيسر إزالتها بعد أن قطع عنه الماء وحظر استعماله لغير الأغراض الثقافية ؟؟

وهكذا كان ...

في يوم وليلة .. أصبح في بيتنا حمام نؤمه رغبة في المطالعة ، أو للبحث عن كتاب أو دورية من الدوريات ، وعلى الرغم من أنه لم يقدر له أن يستمر كثيرا ، إذ لم يطل بنا المستقر في تلك الدارة أمدا طويلا ، إلا أنني ظللت دوما أشعر بالحنين إليه ، وأشتاق إلى الساعات الطويلة التي كنت أقضيها فيه أقلب صفحات الكتب وأعبث بالمجلات التي تكدست في زواياه ، كان دفء الكتب يطغى على برودة مربعات البلاط السيراميكي التي تغلف جدرانه خلف الأرفف الخشبية ، وكانت رائحة الحبر والورق تلف أجواء المكان عوض رائحة الصابون ومعجون الأسنان والعطر ، ولعله كان الحمام الوحيد الذي خبرته يسمح لأفراد عديدين بالتواجد فيه في آن واحد ؟؟؟