ألموت .. الموت لأمريكا
في واحد من التجمعات الخاصة بالمهتمين بالميدان الزراعي ، ويستضيفها الموقع الرئيسي ياهوو تحت اسم tech_agro@yahoogroupes.f بادرت إحدى المشاركات عشية اغتيال ( لا إعدام ) الرئيس العراقي صدام حسين بنشر نص رسالته الأخيرة التي وجهها للأمة العربية والعالم الإسلامي بعد علمه باقتراب تنفيذ حكم اغتياله ،وقد نشرتها مترجمة إلى اللغة الفرنسية باعتبار أن لغة الموقع الفرنسية ..
تباينت ردود فعل المشتركين في ذلك الموقع ، وجلهم من الأطر والكوادر المتخصصة في الميدان الزراعي ، بعد أن نشرت الرسالة بين ممتدح شاكر للناشرة ، ومتأسف على إعدام صدام حسين ، وبين من لم يعر الأمر اهتماما ، وبين قلة أبدت انفعالا شديدا ، وتبرما غريبا من نشر الرسالة ؟؟؟ بل تمادى احدهم مدعيا بأنه كأمازيغي لا يعنيه صدام في شيء ولا العرب ولا العروبة ؟؟ ورأى أنه ما كان ينبغي نشر رسالة كهذه في هذا الموقع ؟؟ وأطنب في تأكيد وجهة نظره تلك ؟؟ ولا أخفي دهشتي من كلام كهذا ، ومن نبرة كهذه ، تصدر عمن يفترض فيه الثقافة والعلم واتساع الأفق ، لكنه لم يبد ولم يعكس إلا ضيقا لا متناهيا في أفقه ، وعنصرية تزكم رائحتها الكريهة الأنوف ؟؟ فكثيرون هم من أفصحوا عن معارضتهم واختلافهم مع صدام لكنهم لم يقرنوا ذلك بتوجهاته العروبية ولم يجاهروا بمعاداتهم للعرب أو للعروبة .
تأملت طويلا ما عبر عنه ذلك الشخص الذي كنت أتمنى أن أصور مقالته لأضعها أمام أعين القراء ، وخشيت أن يكون له أشباه كثر في هذا البلد الطيب ، الذي ما انغمس أبدا يوما ، طوال تاريخه الذي مضى ، في ترهات كهذه إن كانت تنم عن شيء فإنما تنم عن التحجر والتكلس ورفض الأخر وعن فاشية ما بعدها فاشية .
إلا أن المظاهرة التي اجتاحت شوارع مدينة الدار البيضاء هذا الصباح منددة باغتيال صدام حسين ، ومعادية للغطرسة الأمريكية التي فاقت كل تصور ، وتخطت كل حد ، خففت من وجلي ، وهدأت من انفعالي ، وأعادت لي ثقة أبيت أن أتخلى عنها في أن هذا الشعب ، طيب الأعراق ، لا يلتفت كثيرا ولا يصغي طويلا لمثل تلك الأصوات التي تكدر صفو أسماعنا بين الفينة والأخرى . فقد توحد في هذه المظاهرة ، وكما هي عادتنا ، العربي بالامازيغي ، والأبيض بالأسود ، وابن المدينة بابن البادية ، والمرأة بالرجل ، والطفل بالراشد ، والمثقف بالأمي .. وخرجوا كلهم وهم يعلمون تماما عدوهم الحقيقي ، ينددون به ويرفعون أصواتهم متناغمة بالهتاف ضده " الموت .. الموت لأمريكا " وكم كنت أحبذ لو أن الهتاف تحول إلى " الموت .. الموت لبوش " فهو سبب الكوارث والحروب والألأم التي نعاني ويلاتها في وطنينا العربي والإسلامي ، أما أمريكا البلد ففيه الطيب وفيه الشرير، كما فيه الصالح وفيه الطالح .
هذه النبرات التي تتنامى وتنتهي إلى أسماعنا من وقت لآخر أتمنى أن تخرس ، وهذه النعرات القبلية العنصرية التي غدا البعض يتجرأ بالبوح بها ، بعد أن كانت لا تكاد تسمع أو كانت حبيسة عقولهم المختلة ، يجب أن تتراجع فتقبع في جحورها المظلمة .. إذ لا مجال للتمييز أو الفرز بين عناصر هذا الشعب ، ولا مجال للتفريق بين بنيه لا استنادا على عرق ولا لون ، فالكل واحد ، والبلد واحد والمصير واحد .
هذه المظاهرة هي الأكبر ، في إطار هذا الحدث ، عربيا وربما إسلاميا ، وهي تؤكد حضور المغاربة وانتمائهم وتفاعلهم على صعيد الوطن العربي ، وهي تؤكد مجددا أن مشاعر المغاربة في اتجاه ، وردة فعل حكومتهم في اتجاه آخر معاكس ؟؟؟