Tuesday, March 27, 2007

بين صفعة نواكشوط وقمة الرياض


مرة أخرى سيجتمعون ، ككل مرة وكأي مرة اجتمعوا فيها سابقا ، سوف يلتقون . ستحتضنهم الرياض غدا بدفئها وبقساوة طبيعتها الجرداء ووحشتها ، سيتهادون على البسط الحمر ، ويتبادلون العناق والقبلات بغير حساب ، وسيبقى ما في القلوب أسير القلوب ، وما في العقول حبيس العقول ، وسيرتشفون كثيرا من الشاي الأحمر بالنعناع و القهوة الخضراء المرة الممتزجة بحبات الهيل حتى يكتفوا إن اكتفوا ، ستتشبع الأجواء بأفخر أنواع البخور الجاوي وسيتعالى دخان السيجار الكوبي حتى تضيق به أنفاسهم ، وسيأكلون الكبسة والكافيار ولحم النعام وأسماك الهامور وكل ما لذ وطاب ، ستصدح القهقهات وترتسم الابتسامات وستشيع التحيات المفتعلة ، وتتوالى الكلمات المنسقة والخطب المنمقة وسيجيد البعض وسيحطم البعض كل قواعد اللغة بلا رحمة ، سيرسمون الصورة ذاتها التي رأيناها على الدوام ، ومللناها على الدوام ، ذات الألوان وذات الزوايا وذات اللفتات والهمسات وربما ذات الشجار وذات السباب ؟

ستتدفق جيوش من الصحفيين ، وسيلمع وميض كاميراتهم وتستمر ملاحقاتهم وأسئلتهم بحثا عن جديد يرجونه ، ولن يجدوا الجديد الذي يبحثون عنه فقد أخطأوا العنوان ؟ فلن تكون الرياض عنوانا للقرار ولن تكون عنوانا للإرادة والسيادة بل هي واحد من عناوين الخضوع والخنوع لا أقول لبوش بل للآنسة العانسة كونداليزا رايس .

سوف ينفض اللقاء ويعود كل القهقرى ، وسيضيفون فشلا إلى قائمة حافلة بالفشل ، وما الضير إن هم أضافوا فشلا آخر يتوه بين ما سبقه من فشل ؟ لا فلسطين ستحرر ولا العراق سينجو من التهلكة ولا السودان سيلقى دعما ولا الصومال سيدفع عنها البلاء ولا لبنان سترفع أياديهم عنه ولا ... ولا ... ولا .... .

سيعود الجميع من حيث أتوا خاوي الوفاض ، إلا من إخفاق جديد وإحباط آخر يقدمونه عربون محبة لشعوبهم التي ما عادت تأمل منهم خيرا .

*******

موريتانيا الدولة الفقيرة ، المنسية على ساحل الأطلسي ، رمز الضعف والتخلف التي يستهين بها كل العرب ويرون وجودها كعدمه ؟ موريتانيا الدولة القبلية البدوية التي يؤثر أهلها سكنى الصحراء والفيافي على سكنى المدن ، والتي تندر الكثيرون على أهلها بأنهم إن بنوا قصرا ينصبون أمامه خيمة يقيمون فيها ؟؟ موريتانيا التي كانت تبيت على انقلاب وتفيق على انقلاب آخر ، وتعمل فيها النسوة أكثر مما يعمل فيها الرجال ..

موريتانيا تلك المستضعفة المستهان بها صفعت كل الدول العربية على حين غرة صفعة مدوية ولقنتهم كيف يمكن لدولة كالتي أسلفت أن تكون ديمقراطية أكثر من أكبر وأغنى دولة عربية ، ونبهتهم أن الديمقراطية لا تحتاج لقرون حتى تتم ولا لمراحل حتى تنجز ولا لضغوط غربية ولا شرقية ولا لشعوب في ثقافة وعلم أينشتاين ولا لولادة عسيرة او لمخاض لا ينتهي .

موريتانيا أثبتت بالفعل لا بالقول أن الديمقراطية هي قرار ونوايا صادقة وإرادة وحب للوطن .

ألطيب