Thursday, March 01, 2007

السجن ، موطن الشرفاء ؟؟

محمد خلف حسن إبراهيم ، مواطن عربي بسيط ، من عائلة بسيطة ، وواحد من ملايين المسلمين الذين عمروا هذه البسيطة ، فيهم محمد ومنهم خلف وبينهم حسن وبعضهم إبراهيم ؟ لكن من جمع في اسمه هذه الأسماء كلها واحد .

إن رأيته لن يلفت انتباهك ، ولن ترسخ ملامحه في ذهنك طويلا ، فوجهه ككل الوجوه المنهكة في هذه الأمة ، أذبلتها التجاعيد قبل الأوان ، ولفحتها الشمس اللاهبة بلا استئذان ، يعيش الحياة لحظة لحظة ، يشغله قوت يومه وتنهكه هموم عمله . قد أكون أنا هو ، وقد يكون هو أنت ، يحيى الحياة في أدنى معاييرها ، وربما أدنى من أي معايير ، يكابدها ، يعانيها ، يطوعها ساعة وتطوعه دوما ؟ يصبر ويصبر ويصابر وليس له إلا الصبر حتى أدمنه ، ضاق بالدنيا وضاقت به ، لكنه حامد إلى الأبد ، وشاكر بلا أمد ، يمني النفس بحياة قادمة أفضل ، ينال فيها كل ما ضنت عليه به حياته هذه العابرة ؟ إيمانه ثابت لا تهزه قسوة الحياة ولا ينال منه شظف العيش ، ولا تخدشه المعاناة الدائمة .

محمد خلف حسن إبراهيم نال من عمر الحياة ثمانية وثلاثين عاما ، واختار أن يكون شرطيا ( أمين شرطة ) لكنه اختار أيضا أن يظل شريفا ، لم تغب عن باله مقتضيات عمله : الضبط والربط والتزام بالأوامر ، لكنه لم يسمح لتلك المقتضيات بأن تحيد به عن الشرف كما يراه ويفهمه ، أجرته كل ما يملكه من الدنيا ، إن توقفت تقطعت به وبأهله سبل الحياة على ضيقها . ولأنهم يدركون أنه شريف طالبوه ، وألحوا ، وكلفوه بأن يستنفر للدفاع عن سفارة إسرائيل في القاهرة ، رفض ، ضيقوا عليه الخناق وهددوه فامتنع عن الطعام ، ورفض ، وهنت حالته ، دخل المستشفى ، لكنه رفض ، حاكموه ، وحكموا عليه ستة أشهر سجنا لأنه رفض ، ورفض .

محمد خلف حسن إبراهيم اسم جديد لشريف جديد تزدان به قائمة المساجين ؟ لم ترهبه كلمة لا كما ترهب الكثيرين فصرخ بها ، ولم يرهبه الرفض فجاهر به ، وآثر حبس جسده على أن يحبس شرفه ...

الآية انقلبت ، والصورة اليوم انعكست ، وما عاد السجن مأوى المفسدين الفاسدين ، ولا معقل الطغاة الجناة العتاة ، بل أصبح موطن الشريف حتى يتخلى عن شرفه ، وموطن العفيف حتى يهجر عفته ؟

لتذكروا معي دوما محمد خلف حسن إبراهيم ، ولنحييه في محبسه ، ولنشد من عضده ، ولنجعل من عتمة السجن الذي أرادوا أن يواروه في غياهبه حتى ننساه نورا يزيده بريقا وألقا ، فبأمثاله نستطيع أن نرى صبحا آخر .

الطيب