إلهي ... وأنت العالم بالذي تسره الأنفس وتكنه الألباب والجوارح ...
ما كان أبي لي أبا فحسب ، إنما أستاذا لي ومعلما ، ورفيقا رفيقا ، وصديقا صدوقا والسند والمدد ، والأخ والولد ، وكان الرامة التي أفيء إليها حين تقسو الحياة فتحتويني وترخي علي من ظلالها ظلالا وارفة تقيني وتحميني
لازمته عمري ما استطعت عنه ابتعادا ، وأحببته حبا أنت وحسب العالم قدره والملم بمبتداه ومنتهاه إن كان له منتهى ، ولو كان إلهي بإمكاني ، وما أنا إلا عبد ضعيف ، لجدت بالروح سعيدا وسبقته ، ولأعطيته ما تبقى من العمر وافتديته ...
إلهي ... حين لبى أبي راضيا طائعا نداك ، والتقاك ، فقدت من جسدي جسدا ومن الروح روحا ومن النفس نفسا وغدوت أبترا دون اكتمال اعاني ألما أعاني كمدا وحزنا واعتلال ... وما كان لي في محنتي سند إلا الإيمان الذي ما انفك ينميه ويرعاه فينا يقينا منه أن سيقينا شرور أنفسنا ساعة تستبد بالنفس الشرور .
أبي ... لن تطيب لنا الحياة دونك ، وستبقى ذكراك تأسر الألباب ، ومحبتك تفيض بها الأفئدة ، وسيبقى الشوق إليك يعتصرنا في كل وقت وحين .... وليس لنا والله إلا الصبر ثم الصبر .
ربي ارحمه واعف عنه ، واغفر له وأحسن إليه ، وأكرمه وكرمه ،واجعل مقامه مع الأنبياء والصالحين في جنات النعيم ، واجمعنا به وبهم مسلمين مؤمنين متقين ، كما كان دوما ، وكما أرادنا أن نكون .
تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضي ربنا عز وجل والله يا أبا الطيب إنا بك لمحزونون
إبنك الطيب