Tuesday, March 04, 2008

في المسألة الأمازيغية .. مرة أخرى






كنت فيما سبق كتبت عدة مرات عن مظاهر وتصريحات بدت مؤخرا تتفشى وتتسع كبقعة الزيت تباركها وتدعمها قلة من ناشطي الحركة الامازيغية ، كما يحلو لهم تسميتها ، مظاهر تدعونا للتأمل والرصد لأنها بدأت في الجنوح إلى لهجة تصعيدية متطرفة بغية استنفار همم مؤيديها وشحذ عزيمتهم في الوقت الذي لا تبالي فيه بمشاعر الآخرين وكأنهم لا وجود لهم ؟؟؟

وكنت أعلم حين كنت أكتب ما كتبت ، علم اليقين ، أنني أطرق موضوعا يتحاشى الكثيرون الخوض فيه لأسباب ربما تكون مقنعة بالنسبة لهم لكنها لم تكن لتقنعني وكنت أعلم أنني قد أواجه بالرأي الآخر المناصر لكل ما لا أراه يناصر وما كنت إلا لأرحب به ، وأعني الرأي الآخر، ما دام ملتزما بأدب الحوار وبالعقلانية والموضوعية ، ما أمكن ، وأقول ما أمكن لأن من يخوض في مواضيع كهذه ينحرف غالبا ومن حيث لا يدري عن الموضوعية في سبيل الدفاع عن رؤاه وعن طروحاته التي مهما كان مؤمنا بها تبقى طروحات وآراء بشرية تخضع للنقد والرد ولم ولن تصبح يوما نصوصا ربانية يجب أن نتحاشى مناقشتها وهذا ينطبق على طروحات الجميع من الناحيتين الاثنتين . ولو يكن صدري متسعا لسماع كل من يعارض رأيي لما كنت أتحت أصلا مجال التعليق على ما كتبت ولكنت حجبته وما أيسر ذلك كما يعلم الجميع .

مؤخرا توصلت بالعديد من التعليقات رغم مضي زمن ليس باليسير على ما كتبت ، وكأن في الأمر أمرا ؟ وكنت حريصا على محاورة من علق رغم حدة اللهجة أحيانا والميل إلى تشريح كل ما كتبت حتى نقاطه وفواصله ، والحرص على إظهاري قد جانبت الصواب واعتديت وتعديت حدودي وتطاولت على ما لا حق لي فيه وكأني قد أتيت من المريخ أو زحل ؟؟؟ لا من هذه البلد حالي حالهم ؟؟؟ متجاهلين أو جاهلين أن الفكر يجابه بالفكر وأن الفكر لا يخضع ولا ينصاع لمنطق الحدود السياسية للدول ، و لما وجدت الأمر على ذلك أحجمت عن الرد وعن الدخول في سجال حكموا هم عليه بالوصول إلى طريق مسدود من البداية للطريقة التي نهجها البعض في النقاش ولرغبتهم في فرض رأيهم لا مناقشة رأيي .

حين تعرضت بالكتابة لهذا الموضوع كنت أطرقه راصدا تصرفات أو مقالات أو توجهات معينة وبعينها معلقا ومنتقدا ربما ومهاجما أحيانا ، دون تجريح ، ولا تدني بمستوى كلماتي إلى الدرك الأسفل وكيف أفعل ذلك وأنا من علق على صفحة مدونته منذ زمن طويل شعار مدونات بلا بذاءة ؟؟

هناك كثيرون من الشعب المغربي يتحاشون بل يتهربون من الدخول في نقاش من هذا النوع ، ليس لأنهم لا يسمعون بل لكونهم لا يرون طائلا من وراء ذلك ربما ، لكن يبقى هناك من يعتنون بالأمر و يطرحونه بكل الهدوء الممكن على عكس قلة في الحقيقة لا تحاور إنما تصرخ ولا تفكر إنما تحرض ولا تسعى إلى صالح البلاد والعباد إنما تسعى لتحقيق مآرب ما ، هم أعلم بها من سواهم ، ويأتي في مقدمتهم بعض المنظرين في الحركة الأمازيغية الذين باتوا يرفضون أي شيء فيه نكهة عربية دفعتهم أحيانا إلى النيل حتى من الإسلام لاعتقادهم بأنه عربي ؟؟ وهو الذي ما جاء لقوم بعينهم إنما للعالمين ، ويأتي في طليعتهم ذلك المدعو أحمد الدغرني الذي قال : "منذ دستور 1961 تم الاعلان ان المغرب دولة مسلمة ولغتها العربية.. لماذا استثني الامازيغ واليهود والسود واللادينيون؟ اليس فرض اللغة العربية هو اكبر تسييس"؟ وهو الذي اخذ يدافع عن اليهود المغاربة المضطهدين المسلوبة حقوقهم حسبما يرى كوسيلة ليستدرالتعاطف الصهيونى لدعاواه الباطلة وهي دعاوى كررها في اسرائيل التي توجه اليها زائرا مؤخرا فأغدقت عليه واحتفت به ؟؟ وهذا أمر جلل لا ينم لا عن حكمة ولا عقلانية ولا دراية بعواقب الأمور ، فعندما يتطرف المرء في طرحه إلى هذا الحد يفقد تعاطف الناس مهما كانت عدالة بعض ما يدعو إليه . ويبقى أن قلة هؤلاء عددا وضآلة حجمهم أمام ناشطين آخرين وازنين في ذات الحركة يبقى المبشر والمطمئن .


لا جدال فيه أن لكل إنسان الحق في أن يدافع عن حقوقه إن رأى أنها تسلب منه ، أو أنها تنتهك، سواء كان ذلك الإنسان فردا أو جماعة ، كان عربيا أو أمازيغيا أو كرديا أو هنديا أو..... يستوي الأمر ، ولا نناقش حقه في ذلك ، لكن ما نناقشه ونضع تحته خطا أحمرا و نستنكره ونرفضه أن يتغاضى المطالب بحق ما ويتناسى حقوق الآخرين بل يتخذها مطية يعتليها ليصل إلى مبتغاه هو غير آبه بحق الآخر ؟؟ فمطالبة تلك القلة التي أتحدث عنها من الناشطين الأمازيغ بما يرونه حقا لهم لا يمكن أن تمر أبدا عبر سلب الآخرين حقهم أو عبر طمس هويتهم أو التضحية بها . الأمر لايتم بتكوين أحزاب ترفع شعارات إثنية ولا بالصراخ ولا بتوزيع التهم ولا بالتحريض ولا بالتخندق في متاريس تحمل أعلاما عنصرية ولا بمطالبة العرب بالعودة إلى حيث أتوا والدعوة إلى التعاطي مع الكيان الغاصب الصهيوني وزيارته والدعوة إلى التطبيع معه ؟؟؟ وكأن الأراضي المغتصبة النتهكة هناك لا تمت لهم بصلة ؟؟؟ إنما يتم بالحوار الهادئ المتحضر فالبلاد للجميع ولكل من يعمرها الحق في نيل حقه لأن الجميع في النهاية متساوون في الحقوق والواجبات أو هكذا يجب أن يكون الأمر .

من يرفض أن يشار إلى المغرب بصفة العروبة ومن يطالب بالانسحاب من جامعة الدول العربية ويرفض العروبة معنى ومصطلحا وفكرا ويرى أن اللغة العربية لا يحق لها أن تكون لغة الدولة الرسمية ويفرز المغاربة إلى فئات ويرى أن العرب دخيلون على المغرب وأنهم نهبوا خيرات البلاد وتنعموا في نعمائه ( باعتبار أن المسؤولين فيها عربا ؟؟ متغاضين عن كبار المسؤولين الأمازيغ في كل القطاعات الذين نهبوا ما نهبوه من قوت هذا الشعب ) ويطالب بحكم ذاتي ؟؟؟ و.......الخ من يرى ذلك ويفكر بذلك يلغي من حساباته نصف سكان المغرب أو يزيد و لا يخدم قضيته ولا يؤسس لحوار ولا لاستعادة حق إنما يستعدي عليه الآخر ويسعى حثيثا إلى خلق فتنة قد لا تدع ولا تذر وقانا الله إياها وأبعد عنا شرورها ..

نحن بحاجة إلى أن يعلو صوت الحكماء وإلى جهد رجالات تحسب عواقب الأمور وتزن الأشياء بموازين الذهب لا إلى من يعلي الصوت صارخا ومن يبحث عن مصادر تمويل أجنبية ومصادر دعم غربية لا ضير حتى لو كانت إسرائيلية تتصيد الفرص لتؤجج شرارات الفتن ولا لمن يؤجج ويستنفر و يستعدي ومن يرى في شركاءه في الوطن أعداء ألداء يسعى للنيل منهم بشتى الطرق .

حينما كتبت وعندما أكتب أوجه رأس قلمي نحو هؤلاء من منطلق المواطنة لا العنصرية نابذا عنصريتهم وروح القبلية البائدة التي يحيون في ظلالها مناشدا وراجيا أن يعلو صوت العقلاء من كل الأطراف على صوت الجهلاء . فالتطرف الذي نتغنى به ليل نهار في هذه الحقبة من الزمن والمغالاة ليس حكرا على الدين بل يطال كل المناحي الأخرى .

وحتى يطلع من يصادف مقالتي هذه على بعض مظاهر الكراهية التي تكنها تلك القلة التي اتوجه نحوها دوما بكلماتي أرفقت مضطرا بعض الرسوم الكريهة التي ينشرون منها المئات أو أكثر .