Saturday, December 30, 2006

ليس دفاعا عن صدام ، إنما عن الحقيقة _ 2



إن كان صدام حقا مجرما (كما يدعون) فما الذي حال دونهم ودون أن ينصبوا محكمة نزيهة شريفة عادلة تنظر في كل ما يتهم به ؟ إن كان قد اقترف ما يدعون فقد كان الحكم بإعدامه مضمونا مؤكدا لاشك ، حتى وإن حاكموه في واشنطن ذاتها ، أو في قلب البيت الأبيض ؟ فما الذي دفعهم لهذا الخوف والهلع والتسرع ؟ وإذا كان هذا الرجل مكروها منبوذا من شعبه ، لا يناصره ولا ينتصر له أحد ، فلماذا حرصوا على محاكمته في ذلك المكان المسيج المطوق المزروع وسط ألاف الجنود الأمريكيين والعراقيين الأتباع ؟ وتحت أعين الطائرات والحوامات ؟ وإذا كان الحق يجانبه والجرم يلازمه فلماذا امتنعوا عن نقل جلسات المحاكمة مباشرة ؟ ولماذا دأبوا دوما على اقتطاع فقرات عدة حجبوها عن أعين المتابعين ؟ ولماذا قمعوا المحامين وأرهبوا المتهمين ونصبوا قضاة مهزوزين يوجهون بالإشارة والنظرات .

صدام كان ولا يزال زعيما ورئيس دولة ، شاءوا أم أبوا ، حكم العراق سنوات طوال ، وتعاملوا معه على هذا الأساس ، خطبوا وده ، وقصدوا بغداد فكانت محجهم دهرا طويلا . صدام حقق لبلاده ما لم يحققه الذين ترضى عنهم الولايات المتحدة الأمريكية وتدعمهم وتنصبهم ، رفض الهروب من المعركة ، وأبى مغادرة البلاد قبل الغزو محملا بحقائب تضيق جنباتها بما تحويه من مال ، وكم كان ذلك سهلا يسيرا حثه عليه الكثيرون من الزعماء العرب ، لم يؤمن لأبناءه قصورا في المنافي ، ولا حسابات مصرفية في جنيف ، ولا مشاريع تدر الملايين ، بل ظل وعائلته في قلب العراق حتى أسر ، سلبوه كل حقوقه ، ونصبوا له محكمة هزلية أطاحت بالنزر اليسير الذي تبقى من سمعة الولايات المتحدة الأمريكية (إن تبقى منها شيء) ، وأكدت صواب رأينا نحن الجماهير العربية في رئيسها بوش الولد .. عفوا أقصد الإبن .

وتحول العراق البلد الضاربة جذوره في التاريخ إلى كتلة من لهب ، مئات القتلى كل يوم ، دمار وخراب طال المساجد و الكنائس و المشافي و حتى المقابر ؟ نهب وسلب مارسه الأمريكيون قبل العراقيين أزلامهم ، ومعتقلات توالدت حتى ضاقت بها البلاد ، وتعذيب وتشويه وتنكيل ،وفتنة طائفية تعصف بالجميع ، بعد أن أوقدت واشتعلت و زحفت في كل صوب واتجاه . ها هو العراق الذي أراده الأمريكان للعراقيين قد تحقق .

قد يعدم صدام حسين بعد ساعات قليلة ، يستطيعون تحقيق ذلك ، وهو حلم راودهم طويلا ليطووا به صفحة رجل تجرأ فقال لا ، لكنه سيصبح شهيدا ولن يملكوا (مهما فعلوا) أن يحرموه من هذا اللقب ، كان رجلا حين هدد بضرب اسرائيل ، و حين ضرب إسرائيل ، و حين قاوم الحصار ورفض الفرار ، وحين احتسب ولديه فداء للوطن ، وحين كبل بالقيود ، كان رجلا حين حوكم ، وحين حكم عليه ، وسوف يبقى رجلا حين يعدم وبعد أن يعدم ، فلا الأمريكان ولا الدمى العراقية الحاكمة تملك أن تنزع تلك الصور من أعيننا ولا هي قادرة على أن تبدل تلك الفكرة التي في العقول . صدام إن أعدم فسيكون واحدا ممن اقتفوا قولة أسماء بنت أبي بكر لابنها عبد الله بن الزبير حين استشارها فيما دعاه إليه الحجاج من أن يعلن الولاء والطاعة ، فقالت له ناصحة : يا بني ، لا ترضَ الدنية ، فإن الموت لابد منه . قال: إنى أخاف أن يمثََّل بي ، قالت : يا بنى ما يضير الشاة سلخها بعد ذبحها. قاتل عبد الله بن الزبير ، واستشهد ، فما كان من الحجاج إلا أن حز رأسه وبعث به إلى عبد الملك بن مروان وصلبه طويلا .. لم يستطع الحجاج أن يزور التاريخ فقد وضع التاريخ الحجاج في مكانه بين المجرمين ، وبوء عبد الله بن الزبير مكانه بين الشهداء الأبرار . كما لن تتمكن أمريكا من أن تزور التاريخ رغم سطوتها ، فما مآل بوش وتشيني ورامسفلد والآنسة العانسة رايس وبولتن و...... بأحسن من مآل الحجاج ، بل ربما أسوأ .

فجر غد يطل اليوم الأول من عيد الأضحى في جل الأقطار الإسلامية ، العيد الذي يقدم في صباحه المسلمون أضاحيهم تقربا من لله وللاه ، وفجر غد هو اليوم الذي اختاره الأمريكيون (حسب الأخبار المتداولة) لكي يعدموا فيه صدام حسين ، في صبيحة أول أيام العيد ؟؟؟؟ يا لها من هدية يقدمونها للمسلمين في عيدهم ، تعكس لنا كم هم يقدرونهم ويحترمونهم إلى الدرجة التي تدفعهم إلى أن يسخروا منهم على هذا النحو ، ومن عيدهم ، ومن مشاعرهم ، وكأني بهم يلطمونهم صفعا على وجههم ، صفعة تلو صفعة ، إمعانا في الإهانة والمذلة ....... دون أن يحركوا أي ساكن ....

6 comments:

Anonymous said...

Allah Yarhamou... en l'exécutant le jour d'Aid Al adha ... les USA lui ont rendu un grand service ... il restera inoubliable pour tout musulman

Alors, une prière pour tous nos martyrs

Anonymous said...

السلام عليكم
ربما لم -و لن- أكون أبدا من المتبعين للسياسة لأااني أعتبرها مضيعة للوقت و نقاشا لتحصيل ما حصل, و أعتقد أنه رأي كل من هم في مثل سني.
لكن رأيي الان لايهم,و ما يهم في الحقيقة هو ما سأحاول أن أعبر عنه الان
المهم,المسرحية التي مثلت فيها الولايات المتحدة دور البطل لن تكون سوى تتمة لما سبق..سوى فصل اخر من فصول المسرحية الهزلية الكبرى المزعم تمثيل أحداثها لاحقا..قد لا يهم من مات صدام كان أن "مجرد" طفل في زاوية ما من العالم العربي..وقد لا تهم النتائج أتنديد دولي أم "مجرد" صرخ ام لسطينية على وفاة ابنها..اذن لم كل هذه البلابلابلات طالما أن المسرحية ستستمر؟.وطالما أن الصمت سيعم بعد أن تمر العاصفة, كما تمر كل يوم؟
..لا ستمر كل يوم؟..لا بد ان الشاعر لم ينطق عن الهوى حين قال ناموا و لا تستيقطو فما فاز الا النوم..
فالننم اذا والنتلذذ بشواء اللحم الذي نأكله ولندع بوش يتلذذ بلحم العراقيين و الفلسطيتيين.
ما أردت قوله هو أمن مال أخذ بالقوة لا يرد الا بالقوة لا بالتنديد و العويل و الاستنكار و لا بالحداد..و اليفهم الفاهمون و اليخسئ الخاسؤون

Anonymous said...

فالندع السيل يجتاح الزبى...والندع الكيل يزيد طفحا طالما أننا سنبرح أماكننا.
كان هذا هو رأي شاب في ما يقع لنا نحن العرب و ربما قد يحمل في طياته بعض الاندفاع و لا كن واقع الحال قد يصنع المحال.
موضوع رائع أخي الطيب,
السلام و عذرا على الاطالة

ألطيبُ said...

أخي يس
أشكرك اولا على زيارتك وثانيا على رايك وتعليقك واتمنى ان لا تتردد في الاطالة كما يحلو لك فما تكتبه يستحق القراءة مهما طال
تعليق واحد لي على ما ورد في كلمتك وهي انك وجيلك لستم ولن تكونوا ابدا من المتتبعين للسياسة لانكم تعتبرون السياسة مضيعة للوقت وهنا سأختلف معك قليلا بل وسوف أطلب منك ان تهتم بالسياسة وان لا تعتبرها امرا هامشيا او ثانويا لسبب واحد هو انها هي التي تشكل وضع البلد الذي انت فيه وهي التي تحدد الحالة الاقتصادية التي نتأثر بها مباشرة والامن والاستقرار والحقوق المدنية وو.... السياسة باختصار هي التي تحكم عيشنا وحريتنا ورفاهيتنا وهي التي تحكم ضوابط العدل والمساواة وتوزيع الثروات في البلد واهتمامنا بها ليس من باب الترف انما لكونها المؤثر الاول على نمط حياتنا ان صلحت السياسة بمعناها العام وصلح السياسيون الساهرون على وضعها وتنفيذها صلحت الاحوال والا فالكارثة هي البديل ولعلنا لهذا السبب لا نرى سوى الكوارث في العالم العربي فلا سياسة ولا سياسيون .؟؟؟

Anonymous said...

السلام عليكم
أخي الكريم الطيب..ربما كنت و لاأزال من بين الذين اذا تشبثو برأي فلا يتخلون عنه ولو انطبقت السماء و الأرض..لككنني هذه الليلة سأقدم تنازلا عن طيب خاطر و اقتناع تام...ربما كما قلتم فالسياسة ضرورة للحياة وحسب ما فهمت فهي سلاح ذو حدين يمكن استعماله في الخير كما في الشر..لهذا سأضيف أنها شر اقتنعت الأن أنه لا بد منه و في الأخير وكما قال أستاذي في الفلسفة"لا يمكن التهرب من ممارسة السياسة مهما كان..و حتى اذا قررت أن لا تمارس السياسة ففي هذا الوقت أنت تمارس السياسة"..كانت هذه اشارة بسيطة و طريفة و امل أن يتغير وضعنا ووضع أمتنا الى أحسن ان شاء الله ..و سأحاول نشر هذه الفكرة بين أصدقائي لأنني قد خرجت من القوقعة الضيقة التي رمقت منها السياسة.
شكرا جزيلا

ألطيبُ said...

هذا تفكير جيد اخي يس وممتاز احييك عليه .. لا مفر من السياسة واذا تركتها فانك تفعل ما يريده الاخرون حتى ينفردوا هم بكل شيء .. تحياتي اليك